يوجد تململ متزايد تجاه صحافة "البودورو" مثلما هو واضح من خلال مبادرات مثل تلك المطروحة منذ شهر في فايسبوك من أجل مقاطعتها هذا الأسبوع (هنا) و هو مؤشر على التراكم المتزايد للوعي النقدي تجاه المنتوج الاعلامي التونسي (و التي كانت تجربة مدونة "بودورو" مثال مبكر عليها في البلوغوسفير التونسي). "النقابة الوطنية للصحفيين" ذاتها و هي الهيكل الممثل للصحفيين التونسيين كانت أكدت على هذا الوضع المأساوي الراهن في تقريرها السنوي الأول حول وضع الصحف التونسية (و قبلها تقارير "الجمعية التونسية للصحفيين").


المشكل يتجسم في عدة مستويات منها البديهي و المنطوق مثل "الصحافة الصفراء" التي تركز على العناوين المثيرة و إعلانات "العرافين" و مقالات الثلب غير الممضاة ولكن منها أيضا و في المقابل المسكوت عنه. و هذا موضوع هذه التدوينة تحديدا. فتجاهل حدث ما بالرغم من طوله الزمني نسبيا و أهميته الاجتماعية هو أيضا ممارسة للصحافة "بودورو". و هو ما ينطبق على "التغطية الاعلامية" الخاصة بأحداث منطقة قفصة ("الحوض المنجمي") في النصف الأول من السنة المنقضية 2008. و رغم ذلك قام بعض الصحفيين التونسيين بدورهم الاعلامي حتى من منابر الاعلام الحزبي
(فمن حق أي طرف سياسي أن يكون له إعلامه الخاص) أو شبه الحزبي أو "المستقل" و هو لا يمنع إمكانية تعايش التحقيق الاخباري المهني مع الرأي السياسي. غير أن بعض هؤلاء الصحفيين تعرضوا للملاحقة عوض نيل جائزة بوليتزر تونسية و هو ما ينطبق على سبيل الذكر لا الحصر على الصحفيين الفاهم بوكدوس (قناة "الحوار التونسي") و رشيد العبداوي (صحيفة "الموقف"). و تباعا أرغب من هذا المنبر التعبير على مساندة حق هؤلاء الصحفيين في ممارسة مهنتهم بشكل طبيعي.
مع بروز أخبار اليوم (تقرير في صحيفة "الشر ق الأوسط" هنا) عن "تدخل رئاسي مرتقب لإنهاء ملف سجناء الحوض المنجمي" ربما هناك مؤشر على وقف هذه الملاحقة. فحل موضوع هؤلاء الصحفيين مرتبط على الأرجح بحل موضوع "الحوض المنجمي" غير أنه لا يجب أن يكون مرتبطا به ضرورة. إذ أن موضوع حرية الصحافة بما في ذلك وقف ملاحقة صحافة التحقيقات الجادة (و ليس تلك المقتصرة على مهرجانات الصيف مثلا) أصبحت استحقاقا بديهيا لم يعد من الممكن تأجيله و التسويف فيه أو حتى ربطه بـ"التدرج الديمقراطي". و هنا لا نشير إلي أمثلة بعيدة ففي الحالة المصرية هناك صحافة تحقيقات جادة بالرغم من جمود الوضع السياسي.

عن:Tarek طارق على الساعة 06:59

التسميات: